القائمة الرئيسية

الصفحات

الآلاف ما زال مصيرهم مجهولاً.. عائلات المعتقلين بسجون الأسد يتطلعون إلى بارقة أمل بعد العقوبات الأمريكية


عثر السوري علاء عرنوس وعائلته على صورة والدهم محمد على الإنترنت الأسبوع الماضي، وهذا هو أول دليلٍ على مصيره منذ اعتقلته قوات النظام السوري قبل سبع سنوات. وأظهرت الصورة جثته، بوجهٍ مُهشّم مكدوم، وفمٍ مفتوح.

وكان محمد ضمن آلاف السوريين الذين اختفوا في سجون النظام السوري منذ اندلاع الثورة في البلاد عام 2011. ويقول الناجون -والجماعات الحقوقية- إن هناك آلافاً آخرين ماتوا تحت التعذيب.

"أحرَقوا قلوبنا"

يتصفّح الأقارب المكروبون صور ضحايا التعذيب من السجون السورية، التي نشرها نشطاءٌ على الإنترنت بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة قاسية على رئيس النظام بشار الأسد الشهر الماضي.

وقال علاء لوكالة أنباء Associated Press الأمريكية، وهو يُطالع صورة والده على هاتفه الذكي في بلدة التح التي تُسيطر عليها المعارضة شمال غرب سوريا: "نحن نعيش على أمل أنه ما يزال على قيد الحياة".

والصورة هي واحدةٌ من عشرات آلاف الصور المُسرّبة من سوريا عام 2013 لضحايا التعذيب، بواسطة مصور الطب الشرعي الذي تحوّل إلى مُبلغ عن الجرائم تحت الاسم المستعار قيصر. وأصبحت الصور عامة في ذلك الوقت، لكن غالبية الصور كانت عبارةً عن أكوام من الجثث التي يصعب التعرف عليها.

لكن النشطاء بدأوا تداول صور أكثر تفصيلاً مرةً أخرى على الإنترنت بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوباتها الجديدة تحت اسم قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، تيمّناً باسم المصور. وتحظر العقوبات على أيّ شخص في العالم التعامل مع نظام الأسد ومسؤوليه، وتتضمّن اشتراطاتها مطالبة النظام بالإفراج عن المحتجزين والسماح بتفتيش السجون.

وكان تأثير الصور لا يُحتمل بالنسبة لزوجة محمد، نديمة حمدان. إذ قضت ساعات في البحث بين الصور. وعثرت على زوجها -الذي اعتقل عام 2013 أثناء سفره إلى لبنان للعمل- إلى جانب صور شقيقها ونجل شقيقها. وقالت: "اللهم احرق قلوب الذين أحرقوا قلوبنا ويتّموا أطفالنا".

"يموتون تحت التعذيب"

ويتحدّث المحتجزون السابقون في سجون النظام السوري عن تجارب مُروّعة، مثل تكديسهم لشهور أو سنوات داخل زنازين ضيقة، يتلقون داخلها أقل القليل من الطعام ويتعرّضون لتعذيب شديد مستمر.

يقول عمر الشغري، المحتجز السوري السابق، من مقر إقامته الحالي في السويد: "مات الكثير من الناس تحت التعذيب. كنت أظل معصوب العينين، لكنني أستطيع سماع شخص يُعذّب بجانبي وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يُفارق الحياة".

واعتُقِل الشغري وهو في الـ17 من عمره مع أبناء عمومته الثلاثة، الذين مات اثنان منهم. ودفع المال من أجل الخروج من السجن بعد ثلاث سنوات. وقال إنّ هناك ما يتراوح بين 30 و50 سجيناً يموتون يومياً داخل المنشأة التي كان محتجزاً بها، والتي تُعرف باسم الفرع 15.

وأدلى الشغري بشهادته حول محنته خلال جلسة استماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول العقوبات في مارس/آذار، قائلاً إن هناك لبنانيين وأجانب آخرين -من العراق وفلسطين وتونس- محتجزون أيضاً داخل الفرع 15.

المعتقلون اللبنانيون في سجون النظام السوري

ورفعت العقوبات الآمال في لبنان المجاورة بأن دمشق ستتعرّض لضغوط من أجل الكشف عن مصير مئات اللبنانيين، الذين يُعتقد أنهم اختُطِفوا بواسطة النظام السوري أثناء سنوات هيمنته على لبنان، منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 حتى عام 2005. وأدّت شهادة الشغري حول السجناء اللبنانيين الذين ما يزالون على قيد الحياة إلى تحفيز مطالب العائلات بمزيدٍ من المعلومات.

بينما قال علي أبودهن، الذي قضى سنوات في السجون السورية ويرأس الآن جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، إن جماعته الحقوقية -وغيرها من النشطاء- وثّقوا وجود 622 سجيناً لبنانياً معتقلاً داخل سوريا. وقال إن السلطات اللبنانية طلبت معلومات بشأنهم من السوريين، الذين أقروا باحتجاز بعضهم بتهم جنائية وأنكروا معرفتهم بالبقية.

وأردف أبودهن: "لديّ أمل. لا يُمكن أن نُثبت موت شخص حتى نرى جثته". وقال إن أحد رفاقه في الزنزانة، وهو سوريٌّ – لبناني، ظل حياً حتى عام 2018 حين علم أبودهن بوفاته بعد اعتقاله 30 عاماً. وتابع: "يجب أن يسلمونا جثثاً أو أحياء. هذا هو ما سيُرضينا".

مليون و200 ألف اعتقلوا

ووفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، اعتقلت السلطات السورية نحو 1.2 مليون شخص من بدء النزاع داخل البلاد في مارس/آذار عام 2011. وحتى أوائل يونيو/حزيران، جرى توثيق وفاة 12,325 شخصاً تحت التعذيب داخل سجون الحكومة السورية، بحسب تقرير الجماعة الحقوقية الصادر أواخر الشهر الماضي.

بينما ما يزال هناك 12,989 محتجزاً أو مفقوداً على الأقل، ومصائرهم غير معروفة حتى الآن بحسب التقرير. بالإضافة إلى 16 ألف شخص آخرين مفقودين في الاحتجاز بواسطة الفصائل الأخرى في الحرب السورية.

وفي منتصف يونيو/حزيران، تقدّم سياسيان لبنانيان بشكوى قضائية في بيروت ضد الأسد بشأن مواطنيهم المفقودين. وهي خطوةٌ رمزية بدرجةٍ كبيرة.

إذ قال النائب إدي أبي اللمع، من حزب القوات اللبنانية المسيحي: "ما يزال هذا الجرح ينزف دماً بالنسبة للعائلات، لذا لن يندمل. ومسؤوليتنا هي التحقيق في القضية قدر المستطاع".

(عربي بوست)

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات