القائمة الرئيسية

الصفحات

ياسين أقطاي: قضية اللاجئين تمثل اختبارا صعبا لأوروبا


قال ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن “قضية اللاجئين تعتبر إحدى أعظم القضايا التي تختبر الاتحاد الأوروبي في السنوات القليلة الماضية، فالاتحاد تعرض مؤخرا أمام قضية اللاجئين لحالة من التمزق التام بكل ما يحمله من قيم ومعايير وجودة في الإدارة”.

وأشار إلى أنه “كان هناك توقع بشأن ماذا يمكن أن تتسبب فيه عدة موجات لجوء متتالية لاتحاد كبير كالاتحاد الأوروبي، ولهذا فإنّ دول الاتحاد بدأت تبني جدران أمنية سميكة حول أراضيها ومجتمعاتها المرفهة”.

كلام أقطاي جاء في مقالة نشرها في موقع “يني شفق” العربي، الإثنين، بعنوان “الأطفال اللاجئون والمهاجرون المفقودون في أوروبا”.

وأضاف أقطاي “تاريخ أوروبا يحوي الكثير من الصفحات الظلامية، عكس كل الادعاءات الرائجة اليوم، بشأن كراهية الأجانب والفاشية واستغلال البشر”، مشيرا إلى أنه “قد حملت أوروبا اليهود والغجر، الذين يعتبرون أقلية، المسؤولية عن كل مشاكل القارة الاقتصادية قبل 70 عاما، واتخذت من ذلك حجة لتبرير تصفيتهم بشكل غاشم؛ فأوروبا لديها في هذا السياق تجربة تثبت أنها لم تتورع عن قتل ملايين البشر في مجازر وحشية”.

وأرفد “لا شك أنّ قضية اللاجئين تمثل اختبارا صعبا لأوروبا، كما أنّ ألمانيا على وجه الخصوص حاولت أن تستخرج الدروس والعبر من تجاربها القاسية في الماضي، فبذلت جهدا كبيرا كيلا تواجه المصير ذاته مجدّدا، وبغض النظر عما سيقوله القائلون بشأن استقبال أوروبا للاجئين السوريين، فإن ألمانيا فعلت أمرا يستحق التقدير عندما استقبلت أكثر من مليون لاجئ؛ إذ فعلت ذلك وهي تضع بعين اعتبارها المشاكل التي سيتسبب بها وجود اللاجئين على أراضيها مثل كراهية الأجانب وما يتبناه أنصار السياسة اليمينية من خطابا متطرفة”.

وأوضح “عندما يلجأ اللاجئون إلى دولة ما فإنهم يفعلون ذلك بمنتهى السلمية باحيثن عن الاحتياجات الأساسية التي تكفيهم فقط للبقاء على قيد الحياة، وهم بذلك يكونون أشخاصا لا يتمتعون بأيّ مميزات، فوضعم القانوني غامض وحالتهم النفسية منهكة بعدما تعرضوا للظلم والاضطهاد، ولهذا فقد نُظر للجوء بوصفه حقّا من حقوق الإنسان وأصبحت معاملة اللاجئين بمستوى معين عرفا دوليّا لا ينكره أحد”.

وأرفد “بطبيعة الحال فإنّ اللاجئين لا يواجهون فقط مشاكل تتعلق بالعثور على الطعام والشراب، بل إنهم يواجهون كذلك مشاكل حقيقية تتعلق بجهود المحافظة على أمنهم، فعلى سبيل المثال فإنهم ربما يتعرضون لأوضاع تجعلهم عاجزين عن حماية أطفالهم بسبب ما يتعرضون له من محاولات إضعاف من جانب حكومات الدول التي يلجؤون إليه”.

وتابع “لقد أعدت النائبة بالبرلمان التركي سراب ياشار، بصفتها عضوا في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، تقريرا يتناول وضع الأطفال اللاجئين والمهاجرين المفقودين في أوروبا استنادا إلى المعلومة التي تفيد بفقدان أكثر من 10 آلاف طفل لاجئ بعد الوصول إلى دول أوروبا، وهي المعلومة التي وردت في تقرير أعدته مطلع عام 2016 وكالة إنفاذ القانون الأوروبية (يوروبول)”، موضحا أنه “قد قبلت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا التقرير بإجماع الآراء”.

وذكر أنه “يشير هذا التقرير إلى أن عدد أطفال اللاجئين المفقودين في ألمانيا وحدها بين عامي 2017-2019 كان أكثر من 11 ألفا، فيما كان هذا العدد في فرنسا 6 آلاف، وفي إيطاليا بين عامي 2018-2019 نحو 20 ألفا وفي إسبانبا في عام 2018 وحده 9218 وفي السويد بين عامي 2009-2019 بلغ 4659 وفي هولندا بين عامي 2015-2019 بلغ 1600 وفي بريطانيا بين عامي 2015-2016 بلغ 1337 طفلا”.

ولفت “عندما نقيم الوضع كذلك في الدول الأخرى نرى أن هناك تخمينا بفقدان طفل لاجئ في أوروبا تقريبا كل دقيقتين، وأما على المستوى العالمي فإنه يسجل بصفة يومية فقدان أو مصرع طفل لاجئ مقيد”.

واستطرد “إنّ هذه الإحصائيات مرعبة حقّا وتمثل مشهدا مروعا يصور كيف يتعرض اللاجئون للهجوم في صمت كامل في دول أوروبا التي لجؤوا لها طلبا للأمن. فيضاف إلى الآلام التي تركها اللاجئون في بلادهم آلام أخرى في البلدان التي لجؤوا إليها… فكيف يفقد هؤلاء الأطفال؟ من يخطفهم ولأي غرض يستغلهم؟ وليس من الصعب أن نخمن أن بعضهم يسقط ضحايا في أيدي مافيا تجارة الأعضاء. فما نوع الاستغلالات الأخرى التي يتعرض لها بقية هؤلاء الأطفال؟”.

وأكمل “شدد التقرير على أنّ جميع الدول الأعضاء في مجلس أوروبا أطراف موقعة في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأطفال، وبالتالي فإنها تلتزم بتوفير الرعاية اللازمة لتحقيق مستوى معيشي مناسب للأطفال، ما يستوجب اعتبار المصلحة القصوصى لهؤلاء الأطفال عنصرا رئيسا. واقترح التقرير على الدول الأعضاء تحمل بعض المسؤولات في هذا المجال، مؤكدا ضرورة تلبية الاحتياجات والحقوق الأساسية للأطفال مع الأخذ بالاعتبار المتطلبات الخاصة بمسألة حمايتهم في المقام الأول”.

وأشار “لا ريب في أنه يأتي في طليعة هذه التدابير الممكنة تغيير وجهة النظر للاجئين واعتبار أنّ اللجوء وضع إنساني يمكن أن يحدث لأي إنسان في أي وقت”.

وختم أقطاي كلامه قائلا: “لعل مبادرة أكثر تعاطفا مع اللاجئين تقوم على وجهة النظر هذه ومبادرة قانونية تمنحه مزيدا من حقوقه تقدم لنا نموذجا يمكن أن يساعد الاجئ على حماية نفسه وأطفاله، وإلا فلن يستطيع أحد الحيلولة دون استغلال أبناء اللاجئين وكأنهم منتجات تجارية”، مضيفا أن “الحضارة التي تقتل الأطفال لن تقدم خيرا لا لأبنائها ولا لبقية الأمم”.

(وكالة الأنباء تركيا)

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات