📚 الإنشاء الطّلبي📚
# النّهي
هو : طلب الكف عن الفعل ، أو الامتناع عنه على وجه الاستعلاء ، والإلزام ، وهو من أنواع الإنشاء الطلبي.
وللنّهي صيغة واحدة ، وهي المضارع المقرون بـ"لا" النّاهية الجازمة، نحو قوله تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ }، وكذلك قوله تعالى: { وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ }
ومن أمثلة أسلوب النّهي في الشّعر:
-لا تخلني أَرضَى الهَوَانَ لِنفسِي
الرِضَا بالهَوَانِ عجزٌ صريحٌ
-لا تقولوا حطّنَا الدّهرُ فَمَا
هوَ إلّا مِن خيالِ الشّعراءِ
-لا تحذُ حذو عصابةٍ مفتونةٍ
يجدونَ كلّ قديمٍ شيء مُنكرًا
#خروج النّهي عن معناه الحقيقي :
عرفنا أنّ النّهي الحقيقي هو : طلب الكف عن العمل على وجه الاستعلاء ، والإلزام ، ولكنّ النّهي قد يخرج عن معناه الحقيقي للدّلالة على معانٍ أخرى تُستفاد من السّياق ، وقرائن الأحوال ، نحو :
# الدّعاء :
وذلك عندما يكون صادرًا من الأدنى إلى الأعلى منزلة، وشأنًا ، نحو قوله تعالى : { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَالَا طَاقةَ لنَا بهِ }
ومن أمثلته شعرًا قول أبي فراس مخاطبًا سيف الدّولة :
- فَلا تَحمِل عَلى قَلبٍ جَريحٍ
بِهِ لِحَوادِثِ الأَيّامِ نَدبُ
-أَمِثلي تُقبِلُ الأَقوالُ فيهِ
وَمِثلُكَ يَستَمِرُّ عَلَيهِ كِذبُ
# الالتماس :
وذلك عندما يكون النّهي صادرًا من شخص لآخر يساويه قدرًا ، ومنزلة ، نحو قوله تعالى : { يا ابنَ أُم لَا تأَخذْ بِلحيَتِي وَلَا بِرَأسِي }
- وقول المتنبي في سيف الدّولة ، والخطاب لصديقينِ مُتخَيلَينِ :
-فَلَا تُبلِغَاهُ مَا أقولُ فَإنّهُ
شُجَاعٌ مَتَى يَذكُرُ له الطَّعَنُ يَشتقِ
# التّمني :
عندما يكون النّهي موجهًا إلى مالا يعقل نحو قول شاعرٍ معاصر:
-إيه يا طيرُ لا تضنْ بلحنٍ
يُنقذُ النّفسَ مِنْ همومٍ كثيرةٍ
وقول الخنساء :
-أعينيّ جُودَا وَلَا تَجمُدَا
أَلَا تَبكيانِ لِصخرِ النّدَى
# التّوبيخ :
عندما يكون المنهي عنه أمرًا لا يُشرف الإنسان ، ولا يليق أن يصدر عنه ، نحو قوله تعالى : { لَا يَسخَرْ قَومٌ مِنْ قومٍ عسى أنْ يَكُونُوا خَيرًا مِنهُم }
- ونحو قول المتنبي :
- لَا تَحسبْ المَجدَ تمرًا أنتَ آكلُهُ
لَنْ تَبلُغَ المَجدَ حَتَى تَلعَقَ الصّبِرَا
# التّحقير :
عندما يكون الغرض من النّهي الأزدراء بالمخاطب ، والتّقليل من شأنه، وقدراته ، نحو قول الحطيئة :
-دعْ المكارمَ لَا تَرحلْ لبغيتها
وَاقعدْ فَإِنّكَ أنتَ الطّاعمُ الكَاسِي
# التّيئيس:
ويكون في حال المخاطب الذي يهم بفعل أمر لا يقوى عليه ، ولا يقع له من وجهة نظر المتكلّم ، كأن تقول لشخص يحاول نظم الشّعر ، وليس لديه مَلكة الشّعر وأدواته : " لا تحاولْ نظمَ الشّعرِ"، ونحو قوله تعالى : { لَا تعتذرُوا قَدْ كَفرتُم بعد إيمانِكُمْ }
# التّهديد :
وذلك عندما يقصد المتكلّم أن يخوّف من هو دونه قدرًا ، ومنزلة عاقبة القيام بعمل لا يرضى عنه المتكلّم كأن تقول لمن هو دونَكَ:
"لا تقلعْ عن عنادِكَ" أو "لا تَكفْ عنْ أذى غيرِكَ"
# النّصح والإرشاد :
وذلك عندما يكون النّهي يحمل بين ثناياه معنى من معاني النّصح، والإرشاد ، نحو قول المتنبي :
-إذا غامرتَ في شرفٍ مرومٍ
فَلَا تقنعْ بِمَا دُونَ النّجومِ
وقول أبي العلاء المعري :
-ولا تجلسْ إلى أهلِ الدّنَايَا
فإنّ خَلائقَ السُّفهاءِتُعدِي
-📚 كتاب علم المعاني، الدكتور عبدالعزيز عتيق، دار النهضة للطباعة والنشر .
تعليقات
إرسال تعليق