القائمة الرئيسية

الصفحات


الوسط المناسب وتداعيانه على النفس وعلى الاخرين

الشعور بالغربة

كم مرة تواجدت في مجلس و شعرت أنك لست في مكانك المناسب؟

كم مرة ذهبت لمكان و شعرت أنك لا تنتمي إليه وهو لا ينتمي إليك؟

كم مرة رأيت صور لأماكن و أشخاص على مواقع التواصل وتنمنيت التواجد بها أو معهم وعندما حدث هذا لم ينتابك سوى شعور بعدم الألفة بل الغربة؟ - رغم تكرار تواجدك معهم أو المشاعر الطيبة التي تكنها نحوهم - لا أعزي ذلك لأمور الحب أو المره على عظمها و عظم تأثيراتها؛ فهي دعائم رئيسية لقيام علاقات إنسانية كثيرة أو سقوطها ولكن لا ليست القضية محض عواطف على قوتها إنما هي توافقات للاهتمامات و الميول؛ للأفكار و الرؤي؛ والأهم للخلفيات الثقافية و الاجتماعية والأخلاقية والدينية؛ كلها تمثل ما ينبت على السطج في صور مشاعر حب أو كره؛ ألفة أو غربة؛ اقبال أو نفور؛ أو ربما التعبير الأقرب إلى قلبي أجدني هنا أم لا؟

في قرارة نفسك

أحيانا تسمع أصوات قادمة من أعماقك أن لا؛ لا ينبغي أن نكون هنا؛ لا يجب أن نكون بصحبة هؤلاء؛ ولكنك تتظاهر بعدم سماعه أو بعدم وجودة من الأساس؛ ربما لذكريات تحملها لهم أو مشاعر تكنها؛ وبينما تسكت هذا الصوت أو ذاك؛ تجد روحك تتاكل منك في صحبة لا تشبهك أو مجتمع لا تنتمي إليه.

الصحبة الملائمة والمكان الملائم

أما عندما تجد نفسك مع أشخاص يشبهونك أو في أوساط أقرب لتكوينك؛ فإنك تتحور تتبدل تتغير لشخص اخر تحبه أكثر؛ وتجد نفسك تتسائل.

أين تواجد طوال هذا الوقت؟

كيف أمكنه فعل هذا أو ذاك؟

و السؤال الأجمل أحقا العالم بمثل هذا الجمال و الرحابة؟

أنت تتغير أو تعيد اكتشاف نفسك واكتشاف العالم بمعنى أصح.

ولكي يحدث هذا يجي أن تكونوا قد تألفتم روحيا خارج الزمان و المكان؛ فكما جاء بالحديث الشريف " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" فإن التوافقات وحدها ليست كافية لاحداث الألفة و لتحقيق التناغم و السعادة بالصحبة.

ولا تسئوا فهم كلامي؛ لست هنا لأعيب في أماكن وأشخاص انتميت لها و لهم في وقت ما؛ ولكنه محض إيضاح أنه ليس كل ما نراه أو نحتك به أو حتى ننتمي إليه لان يناسبنا أو قادر على احتواء ذواتنا وانبات أفكارنا.

الوسط المناسب ليس الأمثل

لا يوجد في الحياة ما هو أمثل ولا الشيء أو الذي خلق خصيصا من أجلك؛ فكل هذه أوهام ابتدعها عقل الإنسان للمبالغة من قيمته أو احساسه بالأهمية أو التفرد؛ هناك ما يناسبك أكثر من غيره فقط.

أنت قادر أحيانا إذا وائمتك الظروف و الرغبات أن تحيل ما هو غير مناسب لك ليناسبك و العكس ممكن أيظا.

كما أن وجودك طوال الوقت وسط أشخاص يشبهونك و يشاطرونك نفس القيم و المعايير قادر بجدارة على أن يصيبك بانغلاق فكري وأن يقلل من قابليتك لقبول الاخر طالما لايحمل نفس ما تحمله من قيم ومعتقدات.

ولكن تمسك بالصحبة الأنسب لك ولا أجمل من ختمام بقول الأمام علي:

اختر صديقك واصطفيه مفاخرا.. إن القؤين إلى المقارن ينسب.


روان ادريس


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات