بحلول عيد الأضحى من كل عام، تبادر تركيا بمؤسساتها الرسمية وجمعياتها الخيرية للانتشار في بلدان العالم، وبالأخص الفقيرة منها، لتوزيع لحوم الأضاحي التي يتبرع بها الأتراك، في خطوة لتجسيد التضامن مع فقراء العالم، وانتهاج دبلوماسية ناعمة لرسم البسمة على وجوههم.
ومن المناطق العربية التي تعاني الفقر في فلسطين وسوريا واليمن والسودان والصومال، مروراً بأقاصي إفريقيا المنسية، والبلقان والقوقاز ووسط آسيا، وليس انتهاءً بالفلبين وأمريكا الجنوبية، تنتشر الجمعيات والهيئات الإنسانية التركية لإيصال أضاحي العيد إلى فقراء المسلمين في أكثر من 150 دولة في أوسع دبلوماسية إنسانية إسلامية، تهدف إلى رسم البسمة على وجوه الفقراء وأطفالهم في العيد.
ولتحقيق هذا الهدف، تتنافس العديد من الجمعيات والهيئات الإنسانية التركية التي يأتي على رأسها الهلال الأحمر التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية (IHH)، ووقف الديانة التركي، ويارديم إلي (Yardımeli)، وقرداش إلي (Kardeş Eli)، وجان صويو(Can Suyu)، الاتحاد الاسلامي التركي للشؤون الدينية" (ديتيب).
هذه الجمعيات الإنسانية تقدم مساعداتها إما بتمويل مباشر من الحكومة وإما من خلال التبرعات الإنسانية التي يقدمها المواطنون الأتراك، فلا يخلو شارع أو مفترق في إسطنبول والمحافظات التركية الأخرى من الإعلانات التي تحث المواطنين الأتراك على التبرع بالأضاحي لفقراء العالم وهو ما يلقى استجابة واسعة لا سيما في ظل التسهيلات الكبيرة التي تقدمها الجمعيات للتبرع بسلاسة من خلال الإنترنت، والثقة العالية التي تتمتع بها هذه المؤسسات في الشارع التركي، بحسب تقرير نشرته قناة "TRT عربي" التركية.
الأضحية جزء مهم من طقوس عيد الأضحى في تركيا على غرار باقي دول العالم الإسلامي تنفيذاً لتعاليم الدين، إلا أن نسب التزام ذبح الأضاحي في تركيا أكثر من الدول الأخرى، وبينما يميل البعض إلى ذبح الأضحية داخل تركيا، يتجه آخرون إلى توكيل جمعية تركية لذبح الأضحية في المناطق الأكثر احتياجاً في العالم، إذ توفر الجمعيات التركية إمكانية اختيار نوع الأضحية وأي مكان يريد المتبرع أن تذبح أو توزع فيه لحوم الأضحية، ضمن معايير صحية وقانونية دقيقة.
وفي حين تجري عمليات الذبح وتوزيع لحوم الأضاحي بشكل مباشر على المحتاجين في مناطق سكنهم في الكثير من الدول حول العالم، تُرسَل لحوم الأضاحي في المناطق التي يتعذر الذبح فيها بعد أن تُذبح وتعلب في مصانع ضخمة مخصصة لهذا الأمر.
ونقلت "TRT عربي" عن مالك حمزة أوغلو المسؤول الإعلامي لدى "İHH" قوله إن الهيئة وصلت هذا العام إلى الفقراء والمحتاجين في تركيا و52 دولة حول العالم، مستهدفة قرابة 3 ملايين فقير ضمن برنامج الأضاحي، لافتاً إلى أن برنامج العيد شمل أيضاً تقديم كسوة العيد إلى الأيتام والأطفال الفقراء بواقع 88 ألف طفل.
وأضاف أن الهيئة وصلت العام الماضي إلى مليونين و900 ألف مستفيد، لافتاً إلى أن مساعدات الهيئة تصل إلى عشرات الدول في آسيا والقوقاز والبلقان وإفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، بهدف "نشر الفضيلة والفرحة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي."
وأردف: "تعتبر مناطق الحروب والأزمات، والمناطق التي تشهد كوارث طبيعية، والدول والمناطق الفقيرة التي تعاني المجاعة والجفاف ويشكل فيها المسلمون الأقلية بين السكان، مناطق لها الأولوية في الاهتمام".
بدوره، أوضح رئيس جمعية الهلال الأحمر التركية، كرم قينيق أن الجمعية تمكنت مؤخراً من الوصول إلى الفقراء المسلمين في دول جديدة منها كوت ديفوار وجزر القمر والمالديف وسورينام (أمريكا الجنوبية) وبلدان أخرى في القارة الأمريكية ومناطق الفلبين في آسيا القصوى. وأكد أن الهلال الأحمر الذي يقدم خدماته منذ 151 عاماً سيواصل مد يد العون والمساعدة إلى جميع المظلومين والمضطهدين وأصحاب الحاجة.
ويوضح قينيق: "تنتشر ثقافة التقاسم والمشاركة والتضامن المتعارف عليها في منطقة الأناضول.. الأضحية عبادة، وعند تَشارُك عبادة كهذه مع الآخرين، تتحول إلى دعم إنساني وثقافة للسخاء، واثقون من أن أصداء أسماء متبرعينا ستصل إلى أنحاء العالم، معتبراً أن إيصال لحوم الأضاحي تُظهر مدى سخاء الشعب التركي وعظمة دولته.
أما وقف الديانة التركي يعتبر من أهم المؤسسات الإنسانية التركية التي توزع لحوم الأضاحي على الفقراء حول العالم، وقد وصل العام الماضي إلى قرابة 150 دولة، وهو نفس العدد الذي استهدف الوصول إليه هذا العام أيضاً من إفريقيا إلى آسيا، ومن الشرق الأدنى إلى أمريكا الجنوبية،
وحتى اليوم ذبح الوقف قرابة نصف مليون أضحية حول العالم.
وعلى غرار أتراك الداخل، ينشط الأتراك المقيمون بالخارج وبخاصة في أوروبا في التبرع بأضاحيهم للمناطق الفقيرة حول العالم، ويعتبر "ديتيب" في ألمانيا من أبرز هذه المؤسسات التي تقدم مساعدات واسعة للفقراء تُجمع من ملايين الأتراك المقيمين في ألمانيا. فالعام الماضي وحده وزع الاتحاد أضاحي في 500 منطقة بـ150 بلداً.
كما قامت جمعية "ميراثنا" التركية بتوزيع أضاحي العيد التي تم التبرع بها لها، إلى المقدسيين، وذلك ضمن إطار برنامج "أضحيتي في القدس" لذبح آلاف الأضاحي في مدينة القدس خلال عيد الأضحى.
ومن بين الجمعيات الخيرية التركية التي توصل لحوم الأضاحي إلى مختلف المناطق المحتاجة حول العالم، جمعية "Diversity" الخيرية ، ووقف "عزيز محمود هدائي"، و"اتحاد الجمعيات التي تولي قيمة للإنسان"، ووقف "صدقة طاشي"، وجمعية "فنار البحر" وجمعية "خيرات" للإغاثة الإنسانية، وجمعية "التعاون والتنمية الإفريقية" وجمعية "بشير" الإغاثية.
ترك برس
تعليقات
إرسال تعليق